إختر من الأقسام
آخر الأخبار
حرائق لبنان تعرّي الدولة... صار بدنا وطن
حرائق لبنان تعرّي الدولة... صار بدنا وطن
المصدر : نوال الأشقر - لبنان 24
تاريخ النشر : الجمعة ٢٩ تشرين أول ٢٠٢٤

هي ليست مأساة بيئية تلك التي خطفت روح الشاب المقدام سليم أبو مجاهد وأعدمت ملايين الأشجار في لبنان من شماله إلى جنوبه، بل هي مأساة وطن بات منكوبًا، يلتئم القيّمون عليه ساعات طويلة لتدبير المكائد لبعضهم البعض، ولا يجدون وقتًا لأيّ عمل آخر يتعلق بمهامهم وواجباتهم.

أيام وساعات مضت وجبال لبنان تحترق، إلى أن وصلت ألسنة النيران لتحاصر المنازل، وتهدّد ليس أرزاق وممتلكات أصحابها فحسب بل أرواحهم وأرواح أطفالهم، وعلى رغم هول المشاهد واتساع رقعة الحرائق التي تجاوزت المئة حريق في عدد كبير من المناطق، لم تجد الحكومة مبرّرًا لإلتئامها على وجه السرعة وتشكيل خلية أزمة تنقذ الأرواح والأشجار، بل راحت تتلهّى بتقاذف المسؤوليات حول فضيحة طائرات الإطفاء الراقدة هناك في مطار بيروت منذ تسع سنوات، تنتظر صحوة أهل الحكم علّهم يتذكرون أنّ تلك الهبة تحتاج إلى صيانة لقاء بضعة آلاف من الدولارات. فضيحة من شأنها أن تقتلع حكومات وتهزّ عروشًا في بقع جغرافية حكومية أخرى، لا سيّما وأنّ ملايين الدولارات أُنفقت على أسفار وترحال ومبان وصفقات.

يضاف إلى فضيحة الطائرات الوعدُ الحكومي بفتح تحقيق، وكأنّ احتمال أن تكون الحرائق مفتعلة يعفي الحكومة من واجبها بإخمادها أولًا وإنقاذ المواطنين المحاصرين بالنيران. فهل فتح تحقيق ينقذ الناس من ألسنة النيران؟ أليس من الأجدى اتخاذ اجراءات وعلى وجه السرعة تتناسب وحالة الطوارىء التي أعلنها الوزير المستاء من أصواتنا؟ أليس من البديهي أن يتمّ فتح تحقيق بالحرائق بعد إخمادها؟ وهل التحقيق يعتبر إنجازًا حكوميًا يستوجب تصفيقنا الحار؟ ماذا لو لم تتدخل العناية الإلهية لإنقاذنا وهي الشاهدة على عجزكم؟ ماذا لو استمرت الحرائق بالإمتداد في ساعات الليل؟

الإنجازات لم تنته هنا، فلا بدّ من التنويه بالدراية ودقّة الملاحظة التي يتحلّى بهما نائب العهد القوي الدكتور ماريو عون، الذي انفرد باكتشاف كيف أنّ الحرائق تستهدف المناطق المسيحية وتستثني تلك المسلمة، فتحترق الأشجار المسيحية دون المسلمة، وفي هذا ضرب لكلّ أسس التوازن الطائفي والمناصفة، هذه المناصفة التي أبقت الأحراج من دون حرّاس، بسبب تجميد مراسيم تعيين الناجحين في مجلس الخدمة المدنية. أمّا الشبان الذين هبّوا لنجدة أخوانهم من المناطق المجاورة، ولم يسألوا عن مذهب أو هويّة بحيث استشهد منهم سليم أبو مجاهد من بلدة بتاتر أثناء محاولته أخماد النيران، فربما هؤلاء بنظر سعادة النائب أرادوا الإنتحار ليس إلّا.

على رغم عجز السلطة الفاضح والفاقع والمخجل، لم نسمع باستقالة أحد، ولا بمحاسبة المقصّرين عن توفير ما يلزم من تجهيزات لمواجهة الحرائق، وهي كوراث ليست مفاجئة في لبنان وتكاد تكون سنوية.

سؤال يحيّرني أود طرحه على حكومتي قبل أن أختم مقالي : بأيّ وجه سوف تقابلون عناصر الدفاع المدني الذين واجهوا باللحم الحي غضب النيران إلى جانب الجيش اللبناني طوال ساعات؟ ولولا جهودهم الجبّارة لكانت الخسائر بالأرواح والأشجار أعظم . هل ستعمدون غدّا أو ربما اليوم إلى الإعتذار منهم عن تآمركم وتخاذلكم واستهتاركم بحقوقهم على مدى سنوات، وتسارعون إلى توقيع مراسيم تثبيتهم المجمّدة منذ سنوات؟


عودة الى الصفحة الرئيسية